الدكتور منجى على بدر يكتب: الدبلوماسية الرئاسية وتنشيط العلاقات مع الدول الأفريقية

الدكتور منجى على بدر
الدكتور منجى على بدر

أسهمت الدبلوماسية الرئاسية منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي سدة الحكم عام  2014 فى عودة مصر كلاعبٍ إقليمي ، وساعدت في تحقيق المصالح المصرية وتحقيق متطلبات الأمن القومي، وتعزيز القدرات المصرية وجهود التنمية الشاملة.

  وقبل أن نعرض لنجاحات الدبلوماسية الرئاسية ، نود الاشارة الى توقف الرئاسة المصرية عن حضور المؤتمرات الافريقية منذ محاولة إغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك فى أديس أبابا عام 1995 وبالتالى فقدت مصر أهم أداة فى فعالية السياسة الخارجية المصرية حتي اشتكى الزعماء الافارقة من ضعف التمثيل المصرى فى الإجتماعات والقمم الافريقية وتحولت  سياسة مصر الخارجية الي وجهات أخرى ، مما أفقد مصر عامل هام فى فعالية سياساتها الخارجية وهو البعد الأفريقي ، وعلي أثرها لعب الكبار والصغار في أفريقيا بسبب التحولات الدولية فى الثلاثة عقود الماضية وانسحاب مصر النسبي من محيطها الأفريقي.

الا أنه حدث تغير جذري فى واقع السياسة الخارجية المصرية تجاه أفريقيا منذ عام 2014 وذلك بالمقارنة بالعقود الثلاثة السابقة ، وتشير الرؤية المستقبلية الى تنامي التوجهات والتحركات المصرية تجاه أفريقيا بشكل كبير بسبب ارتباط الأمن القومي المصري بدرجة عالية بافريقيا التي ينبع منها شريان الحياة لمصر نهر النيل.

وشهدت السنوات الثماني الماضية تناميًا لروابط مصر بقارتها الإفريقية، ولم تكن رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي عام 2019 مجرد حدث دولي عادي، ولكنه كان تعبيرًا عن استعادة مصر لدورها التاريخي في إفريقيا لتحقيق أهداف افريقيا فى مجالات السلام والأمن والتنمية المستدامة. 

وفى هذا السياق، تبنّت مصر عددًا من الأولويات على رأسها تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي، وتطوير آليات تعزيز السلم والأمن وإعادة الإعمار والتنمية، والإصلاح المؤسسي والمالي للاتحاد الافريقي ، وتعزيز الروابط الثقافية والحضارية بين الشعوب الإفريقية،حيث تم تدشين آلية جديدة مقرها القاهرة هي "مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات" لإعادة بناء الدول الافريقية.

 وفى سياق تعزيز وتنويع مستويات التفاعل الإفريقي، وتحقيق أجندة الاتحاد الإفريقي التنموية (النيباد) لعام 2063، أطلقت مصر الدورتَيْن الأولى والثانية من "منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامَيْن" في ديسمبر عامي 2019 و2020، برعاية السيد رئيس الجمهورية في مدينة أسوان، وبحضور متميز من عدد من القادة الأفارقة والشركاء الدوليين، وقد بادرت مصر بصياغة وإطلاق المنتدى بجهود وأفكار مصرية وإفريقية خالصة، كتعبير عن ملكية أبناء القارة مصيرهم، وتجسيدًا لريادتهم.

وتأتي القمة التنسيقية الإفريقية النصف سنوية فى دورتها الخامسة فى نيروبى  ، التي استحدثتها مصر عام ٢٠١٩ خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي، اتصالاً بجهود مصر للإصلاح المؤسسي للاتحاد، في إطار محور تقسيم العمل والمهام بين مفوضية الاتحاد الإفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية،وتعزيز مسار التكامل الإقليمي بين دول القارة، خاصةً ما يتعلق بالتكامل الاقتصادي، والذي تعد أبرز خطواته إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ، ويولى الرئيس السيسي اهتماما كبيرا بالدول الأفريقية واستقرارها منذ عام 2014 ، حيث تمثل زيارات الرئيس السيسي الى افريقيا ما نسبته 35% من اجمالى زيارات الرئيس الخارجية.

هذا ، وتتعدد محاور السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة 30 يونيو 2013  فيمايلى :-

1-    المحور الأفريقي،  وذلك لأهمية القارة الأفريقية لمصر، ويرتبط الأمن القومي المصري بالقارة الأفريقية التي ينبع منها نهر النيل، وأصبحت مصر فى نظر دول العالم المدخل للقارة الأفريقية من مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية، وتولت مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى في 10 فبراير 2019 لمدة عام، ولعبت دوراً مهماً في إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل الأمن والاستقرار في القارة والمشاركة في قوات حفظ السلام في مناطق النزاعات، كما تسلمت مصر رئاسة تجمع شرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) في 23 نوفمبر 2021 لمدة عامين وحدثت خلالهما العديد من الإنجازات المهمة التي تتناسب مع دور مصر فى افريقيا.

2-    المحور الاسيوى ويضم الصين، وروسيا، والهند، واليابان، ودول النمور الآسيوية، وتوطدت أشكال التعاون المصري الآسيوي فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية وفي مجال الاستثمار والتبادل التجاري، والسياحة، والاستفادة من تجارب الدول الآسيوية فى مجال التنمية .

3-المحور العربى وتأكيد ارتباط الأمن القومي المصري بالأمن القومي العربي، وإهتمام مصر بالملفات العربية   الساخنة فى ليبيا، واليمن، وسوريا، والعراق، والسودان، والصومال ،وفلسطين  ودعت السياسة المصرية إلى إيجاد حلول دبلوماسية للقضايا العربية، كما لعبت مصر دورا هاما فى إعادة سوريا إلى الجامعة العربية.

ونتيجة لتعدد محاور السياسة الخارجية المصرية ، فقد اتسمت هذه السياسة عقب ثورة 30 يونيو2013  بالتوازن والاستقلالية والمرونة والرشاقة والعمق، وحصلت مصر على عضوية مؤقتة لمدة عامين في مجلس الامن عامي 2016 و2017، مما زاد من ثقل مصر على المستوى الدولي، ومن المنتظر تزايد أهمية الدور السياسي المصري إقليمياً ودولياً في المستقبل بفضل النشاط المكثف لدبلوماسية الرئاسة ، وتحقيق مصر طفرات اقتصادية فى مجال البنية التحتية ومجالى الزراعة والصناعة فضلا عن قطاع الخدمات ، وأيضا دخول مصر مجال الاقتصاد الاخضر ونجاحها فى اجراءات وسياسات الحفاظ على البيئة .

كاتب المقال وزير مفوض ومفكر اقتصادى   

عضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة
 

ترشيحاتنا